رموزالحكمة في الكتاب المقدس :الراعي



لا زلنا في بحر رموز الحكمة في الكتاب المقدس  واليوم سنتحدث عن   " الراعي " او الراعي الصالح" كما ورد التعبير في الإنجيل حيث قال المسيح له المجد : (انا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. واما الذي هو اجير، وليس راعيا، الذي ليست الخراف له، فيرى الذئب مقبلا ويترك الخراف ويهرب، فيخطف الذئب الخراف ويبددها. والاجير يهرب لانه اجير، ولا يبالي بالخراف. اما انا فاني الراعي الصالح، واعرف خاصتي وخاصتي تعرفني، كما ان الاب يعرفني وانا اعرف الاب. وانا اضع نفسي عن الخراف. ولي خراف اخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي ان اتي بتلك ايضا فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراع واحد. لهذا يحبني الاب، لاني اضع نفسي لاخذها ايضا. ليس احد ياخذها مني، بل اضعها انا من ذاتي. لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضا. هذه الوصية قبلتها من ابي ) طبعاً هو تعبير وصف به يسوع له المجد نفسه في الانجيل وكما سمعت النص المبارك ويقصد به معاني عميقة سنتطرق لها .
 اما وصف الراعي كاختيار وقع عليه من بين باقي اصناف المجتمع يقصد منه الاشارة الواضحة الى الانبياء كافة والمسيح القدوس المخلص خاصة ، لماذا ؟....لأنه كما ان الراعي كرجل مهمته ان يحفظ الغنم المسؤول عنها ويرعاها ويأخذها الى ارقى المراعي كذلك الرجل الإلهي لا سيما المسيح منقذ الشعوب والامم يرعى شعبه ويدلهم على ما ينفعهم من العلم والخير والمحبة والسلام ، واما الماء والغذاء كرمزان هما لا ينفكان عن اهم حاجات قطيع الغنم والخراف والراعي يركز على تأمين هذين العنصرين لديمومة حياة الخراف ، وكما ان الراعي يحرص ان يكون العشب الذي يتناوله قطيعه الغالي من افضل المراعي والماء من اطهر البقاع واصفاها حرصاً على سلامة ابدان وصحة اغنامه ، فأن الماء والغذاء يشيران في رموز الحكمة الى العلم والمعارف الخالية من الشبهات والانحراف والفلسفات الباطلة التي تسمم افكار وعقول المؤمنين على  مر الأزمان ،  ولهذا فان الرجل الإلهي العظيم كالمسيح حريص على ان يغذي تلامذته واتباعه عبر الأجيال بارقى انواع المعارف ولهذا نراه في المجيء الاول وبخ الكهنة والفريسيين وانتقد الافكار المسمومة التي يحشون بها عقول الناس فكان يقول لهم (كيف لا تفهمون اني ليس عن الخبز قلت لكم ان تتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين؟» حينئذ فهموا انه لم يقل ان يتحرزوا من خمير الخبز بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين.) فهذا هو المقصود من حرص الراعي على المرعى السليم والأصيل والا فان كل مرعى ليس من الله ومصدره غير الرب فهو خليط من العسل المسموم الذي سيقتل الخراف اذا ما تناولت منه .
وخمير الفريسيين والكهنة في ذلك الزمان كان من شانه ان يسمم الخراف ولهذا فان حرص الراعي المسيح على قطيعه ان لا يتسمم بآرائهم ولا تعليمهم المنحرف عن الناموس
ان ما قام به معلمنا المسيح له المجد من رعاية للقطيع او الاتباع المؤمنين في ذلك الزمن اي المجيء الأول كانت تمثل وظيفة الراعي الحقيقي الصالح في زمان المجيء الاول واما في المجيء الثاني فان المسيح له المجد سيجدد هذه الوظيفة بالرعاية لغنمه حيث يرعاهم الى تغيير العالم كما رعاهم في الزمن الاول ،  هو الوحيد الذي يعرف غنمه ويختارهم من بين مليارات البشر سيسمعون صوته ويأتونه حبواً وسيراً وراكضين وراكبين يستبشرون انهم آووا الى راعيهم المنتظر . واما عن الوظيفة الاخرى التي سألني عنها جنابك فأقول حماية القطيع هذه المرة من الذئاب ..نعم هم الذئاب البشرية سواء كانوا يتمثلون بالمؤسسة الدينية التي انتحلت صفة القداسة وجلست على كرسي المسيح منذ زمن المجامع المسكونية والى يومنا هذا او يتمثلون بالمدعين او المسحاء الدجالين الذين ينتحلون صفة المسيح نفسه في الازمنة الأخيرة وقبل قليل ذكرنا النص الذي تحدث به المسيح له المجد عن شخصية الراعي الأجير وهو الآخر رمز بالغ الأهمية في موضوع بحثنا .
و يشير الراعي الأجير في رموز الحكمة الى كل شخص يلتف حول الخراف متنكراً بزي الراعي الحقيقي الأوحد ليخدع القطيع الساذج او الغافل عن صفات وملامح وهيئة راعيهم الأصلي ، ويمثل كل مؤسسة دينية جآءت من بعد رحيل المعلم الإلهي لتتقمص دور المصلح والشخص الحريص والأمين على رسالة المسيح له المجد بينما هي في الحقيقة ذئاب مفترسة ليس همها سوى ان تنهش باجساد القطيع المستضعف وتستغل صوف ولحم ولبن الغنم المفجوع بفقد الراعي الحقيقي الصالح لأجل مصالحها الشخصية ولأجل ان تنعم بشيء من الراحة والترف والحياة الناعمة فنراهم يلبسون اغلى الثياب المرصعة بالجواهر واللآليء والاحجار الكريمة بينما يعيش القطيع في حاجة وفقر وفاقة ودعة ولا يجد ابسط مقومات الحياة الكريمة ، ان ذئاب المؤسسة الدينية التي لبست ثياب الحملان مررت مخططها الخداع لقرون عديدة من الزمان وانخدع بزيفها الملايين من المسيحيين في العالم لان تلك الملايين رأت في قداستها الظاهرية دين المسيح وثوبه الطاهر ولكن الحقيقة الداخلية لا يعلمها الا الآب وحده ومن افاض الرب عليه من القطيع الواعي الفطن الذي عرف واطلع على دواخل وبواطن تلك الذئاب التي احترفت التمثيل لقرون من الزمان.
ومن الجدير بالذكر ان المؤسسة الدينية ليست هي وحدها  من سترتدي وتغتصب ثوب الراعي الحقيقي عبر الأزمان بل ان المسحاء الدجالين هم من جهة اخرى سوف يعمدون الى ثوب الراعي الصالح ليضعوه فوق ثيابهم وليحاولوا ان يوهموا لو امكن حتى القطيع المختار كما ذكر الانجيل المقدس منذ قرابة الفي عام ، ولتتجلى شخصية الراعي الطالح المزيف بكل وضوح ولتتم مشيئة الرب في ناموسه الأزلي وليدخل حتى  المختارين بتجربة ولكن القطيع الواعي المتسلح بسلاح ثقافة الانجيل المقدس ونصوص الكتاب يعرف ان يميز صوت الراعي الهادر كما قلنا عن باقي صفير ونداء الرعاة الدجالين منتحلي صفة الخير والصلاح في الأزمنة الأخيرة خصوصاً حيث اقتراب مجد الله وملكوته .
ومن اهم صفات الراعي الأجير انه عديم العلم والمعرفة او لديه معرفة ناقصة ومتدنية بصراحة فيما يخص اسرار وعلوم وخفايا الكتاب المقدس على عكس الراعي الصالح مسيحنا العائد ، وثانياً ..انه يستند في ادلته لخداع السذج على السحر والشعوذة واقامة المعجزات والعجائب فلا تستغرب ان رأيت واحد من المسحاء الدجالين يوماً يحيي ميت على الهواء ، او يطير في الهواء دون اجنحة او يشفي مريض سرطان او ايدز بنفخة شفتيه او او ..الخ من الممارسات والافعال التي كشفها لنا الكتاب المقدس قبل الفي عام وقالوا احذروا من الاعيب وخداع المسحاء الدجالين الذين يريدون ان يضلوا لو امكن المختارين .
ان عالمنا هذا وحياتنا هي حياة التجارب والامتحانات للانسان كي يصل للخلاص والفردوس الابدي ، وان المسيح له المجد وعدنا ان الخراف المطيعة الملتزمة بوصايا الرب ستتعرف على صوت الراعي مهما اطال غيبته عن غنمه ، هذا وعد الهي خالد على مدى قرون يقيناً سيتحقق ولكن بشرط ان يعرف المختارين في العالم ان التبعية للكنيسة او الطائفة من دون التوحد باسم المسيح وان التعصب الاعمى للآباء وافكارهم الهدامة ونظرياتهم الكلاسيكية من شانها ان تجعل الخراف تضل في الجبال وتأكل من المرعى النتن الفاسد فتمرض وبالتالي القطيع او الغنم المريضة لا تتمكن من تمييز صوت الراعي لان بطونها وافكارها تسممت بخمير الفريسيين الجدد .وكما شهد يسوع في الانجيل حين قال ( خرافي تسمع صوتي وانا اعرفها فتتبعني ) .

من فكر المسيح العائد




0 التعليقات: